من منا لم يخطر بباله كيف للدماغ أن يؤدي كل تلك المهام تلقائيا وبكل سلاسة! إليك الاجابة




بينما نحن في غفلة من أمرنا، ينفذ الدماغ البشري عمليات تفكير متعددة. وحتى تتوضح الفكرة أكثر، فكر في مختلف المهمات التي تؤديها خلال اليوم، من اللحظة التي تستيقظ فيها إلى ركوبك السيارة باتجاه مكان العمل. وأثناء ذلك، تنجز عدداً من شؤونك اليومية من دون التفكير بها كثيراً أو في الخطوات التي اتبعتها لإنجاز أي منها.

إن إدارة هذا الروتين، يتطلب جهداً عقلياً وتركيزاً هائلين؛ إذ تعمل شبكة خاصة في الدماغ بتنفيذ هذه المهمة من خلال تحفيزنا على تذكر كل التفاصيل المرتبطة بالاستعداد، لاستقبال اليوم والبدء به ضمن نسق معين بينما نفكر في تفاصيل أخرى كاجتماعات العمل، أو ما سنتناوله على الغداء بالإضافة إلى أمور أخرى.

ووفقاً لدراسة جديدة، فإن هذه الشبكة الدماغية تشتمل على مزيج من الخلايا العصبية الموجودة في مقدمة الدماغ، تسمى: (قشرة الفص الجبهيrostrolateral prefrontal cortex (RLPFC)(). وقد استخدم باحثون من جامعة براون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لدراسة طبيعة النشاطات في مناطق عدة من الدماغ، من خلال سلسلة من الخطوات غير الموجهة، فوجدوا أن هناك نمطاً فريداً من "زيادة النشاط" في قشرة الفص الجبهي، عندما كان هؤلاء الأشخاص يقومون بتلك الخطوات. وعندما انتهت هذه السلسلة، قلّ النشاط في المنطقة ذاتها، ثم عاد للارتفاع مباشرة عند البدء في تنفيذ سلسلة جديدة من الخطوات أو الممارسات.

لكن علماء الأعصاب غير مقتنعين بربط شبكة الدماغ إلى قدرة ما فقط، بل هم مهتمون أكثر بكيفية عرقلة هذا الأمر. وفي هذه الحالة، استخدموا التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة– وهي جرعة آمنة من الشحنات المغناطيسية التي تشبه الكهرباء الساكنة في خطوط الهاتف– للتسبب بمقاطعة خاطفة بسيطة في نشاط الشبكة الدماغية . ومن خلال ذلك كانوا قادرين على التعرف إلى كيفية توجيه قشرة الفص الجبهي لسلوكنا اللحظي، من دون أن يتطلب الأمر تفكيراً ملياً.

ووفقاً للباحثة الرئيسة- الدكتورة تيريزا دي روشير، فإن قشرة الفص الجبهي تحلل أساساً كل خطوة من التسلسل على أنها مشرف داخلي يحدد الحركات المطلوبة من أجل الوصول إلى الهدف. وكلما زادت الخطوات، زاد مقدار عامل عدم التأكد، مما تطلب نشاطاً متزايداً في شبكة الخلايا العصبية. تقول: "عندما نحدث اضطراباً في هذه الشبكة، فإننا عملية معالجة عدم التأكد تضطرب أيضاً. لذلك نحصل حينها على هذا النمط المتزايد من الأخطاء، لأنه كان هناك مقدار أكبر من عدم التأكد للتعامل معه."

وعلى منوال نبضة التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة التي عملت على تشتيت التركيز، فإن حملاً زائداً على انتباهنا يمكن أن يتسبب في حدوث أخطاء في هذه الإدارة المتطورة للخطوات. بينما توضح دي روشير بقولها: "إن هذه الدراسة تبين لنا أن تعطيل نظام الدماغ الإشرافي يجعلنا أميل إلى ارتكاب الأخطاء. وعند وجود الكثير مما يشغل بالنا، يمكن بالتأكيد أن يفوق قدرتنا على الإشراف ويجعلنا أكثر عرضة لمثل هذه الأخطاء. "

وبما أن الطلب على مصادر الاهتمام لدينا لا ينقطع، فمن المهم العلم أننا غالباً ما نقوم بتعطيل أدمغتنا بما يكافئ نبضات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجة، وبالتالي رفع عامل عدم التأكد لدينا. ومثال ذلك: إذا كان تفقد بريدك الإلكتروني وحسابك على تويتر وفيسبوك جزءاً من برنامجك الصباحي، فإن المشرف الداخلي لديك يواجه عدداً أكبر من الخطوات التي يجب أن يتعامل معها. وبالتالي هناك متطلب إضافي من الطاقة اللازمة لتنفيذ هذا العمل. لهذا، وكما يظهر من البحث، فإنه من المحتمل ارتكابك للمزيد من الأخطاء، كأن تنسى استخدام مزيل العرق الخاص بك. ومعنى هذا كله، أن هناك الكثير من عمليات فك الرموز التي تجري خلال أحداث حياتنا اليومية، ومن واجبنا تجاه صحتنا العقلية إعطاء أدمغتنا بعض الراحة مقابل هذا كله.

إرسال تعليق

أحدث أقدم